قصص تستحق القراءة: قد تحتاج الى أخذ ذلك في الحسبان

الخميس، 5 مايو 2011

0

قد تحتاج الى أخذ ذلك في الحسبان


يقول ستيفن كوفي:
أتذكر الفترة التي عاصرت فيها احد رؤسائي ، وكان من القادة القادرين على التعبئة.قال هذا الرجل: "كان كل رؤسائي يمثلون أشكال الرقابة القائمة على استخدام السلطة. ولكن هذا الرئيس لم ينظر الى مهمته من هذا المنظور، بل كان يعمل من منظور التعبئة. وكانت أول تجربة معه جعلتني أسلم له من البداية.

لقد كنت مدير العمليات الكبيرة، وكان تحت رئاستي العديد من المديرين.طلبني هذا الرئيس ذات يوم قائلا:"أنا أرى دوري مجرد مساعد لك، وعندما تحتاج أية مساعدة عليك بطلبي".
عندها قلت لنفسي:"هذا منهج من أحسن المناهج في القيادة، ولكن ذهب الظن بي الى حد القول:ربما كانت مجرد مقدمة لتغطية مل سيقوم به من التحري و التحسس خلفي، لكي يتأكد من حسن سير العمل. وكان هذا الحكم نابعا من خبرتي مع غيره، فلقد حكمت عليه من خلال نفسي، وعكست واقعي على سلوكه، غير مدرك لحقيقة المبدأ الذي يتبعه هذا الرئيس في القيادة.

كرر لي القول:"انني أعني ما أقوله.كنت أود أن آتي معك الى موقع العمل لأرى ما يجري. ولكن ربما لا يكون الوقت المناسب.عموما عليك أنت أن تقرر متى آتي لزيارتك."
عندها فكرت في أنه فعلا يعني ما يقول،و أنه ليس مجرد مراقب ومفتش بالطريقة التقليدية على أعمالي، بل هو رئيس يريد بالفعل مساعدتي كمرؤوس له.

قال لي:"ربما تحتاج لأن تعرف عني،و عن خبرتي،بعض الشيء حتى تعرف الى أي حد يمكنني كرئيس له خبرة مساعدتك."تبين لي أن لديه عشرين عاما من الخبرة المتنوعة و الحكمة العالية. ولكن لأنني كنت منشغلا بالعمل لحظتها قلت له: "ربما حددنا لذلك موعدا فيما بعد "، وتركته.

عندما دعوته لزيارة مواقع العمل بعد عدة أسابيع كان له نفس المنظور.قابلته عند المطار وقلت له:"متى تود رؤية موقع العمال؟" ، فكان رده:"أنا هنا للمساعدة و سأعمل ما تراه أنت مناسبا"، فأخذته الى اجتماع، وعرضت عليه عدة مشكلات، فكان يقدم الحل لها الواحدة بعد الأخرى، وفي النهاية سألني:" هل هناك أي شيء آخر؟"

عندها أحسست أنني الشخص المسئول، وهو فعلا مجرد مساعد لي. ولحظتها كان قلبي وعقلي مفتوحين له تماما.بعدها كلما كان هناك اجتماع أسأله عن تقييمه لأسلوبي في معالجة الأمور، وان كان ذلك يتفق مع ما يراه ومع خبرته. وغالبا ما تكون اجابته:"لعلك تأخذ في الحسبان ما نقوم به في قسم ، آخر او تلك الفكرة أو ذلك البديل".لم يحدث أن فرض علي أمرا ما ،كل ما كان بفعله هو تأكيد مسئوليتي، وسلطتي في اتخاذ القرار، مضيئا طريقي بالأمثلة والايضاحات فقط.

ما حدث بعد ذلك لم يكن هذ الرجل هو المتحكم في الموقف، ولكن كان المتحكم الحقيقي هو ضميري ووعيي بمسؤوليتي.كان لدى هذا الرئيس مسئووليات أخرى، فتركني وذهب، ولكن ضميري لم يتركني أبدا.
يا الاهي!كم أشعر بالمسئولية، لقد بدأت أسأله المزيد من حكمته وخبرته واتساع الرؤية لديه، ومع ذلك لم يحدث أن فرض علي ما يجب عمله، كل ما كان يقوله:"قد تحتاج الى أخذ ذلك في الحسبان". وكل ذلك حرك ضميري بشكل لم أعهده من قبل.

بعد ذلك عملت مع رئيس آخر، والذي كان شخصا ممتازا ولكنه كان يتحكم في كل شيء.ومع هذا الأخير اكتشفت كم كانت مهمتي سهلة. لقد كانت مجرد تنفيذ مايقوله.و لكن مع هذا الرئيس غابت الفرص الخلاقة، والتعلم من الممارسة.ولحظتها شعرت بغياب الشحن الداخلي والتعبئة الذاتية، ولذلك كنت أجد سعادتي عادة خارج العمل وليس داخله.وسرعان ما تحول كل الرجال الذين كانوا حول هذا الرئيس الى مجرد ظل يطبقون أسلوبه .
لقد ساعدني العمل مع هذين النموذجين من القادة في هذه الخبرات على التفرقة ما بين منهج الشحن والتعبئة من ناحية، ومنهج الرقابة والتحكم من ناحية أخرى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق