كثيرة
هي المواعظ التي تتحدث عن بر الوالدين ، و كثيرة هي الدروس التي تحكي عن
عقوق الأبناء لوالديهم ، و لكن .. أما من موعظة تحكي عن بر الأبناء ، و عن
عقوق الوالدين لأبنائهم ؟! . ربما تستغربون الأمر ، فما اعتاد الأب و الأم
أن يقال لهما إنكما عققتمـــا ابنكما قبل أن يعقكمـــــــا ، و أنكما
تستحقان أن تعاقبا قبل أن يعاقــب ابنكـما !! .
أيها الأب ، أنت
راعٍ و مسئول عن رعيتك ، و أنت أيتها الأم راعيةٌ و مسئــولة عن رعيتـــك ،
و أولادكما أمانة ستُسألان عنها يوم القيامة ، أحفظتماها أم ضيعتماها .
فالولد ليس ملكاً لكما ، ليس جزءاً من متاع البيت تتصرفان فيه كما تشاءان ،
و إنمـا هــو هبــة مــن الله و وديعة استودعكماها ، فهلا اتقيتما الله
فيها ؟؟ ، هلا شكرتما الله على هذه النعمة و أحسنتما التصرف بها ؟ فبالشكر
تدوم النعم ، و شكر الله على نعمة الولد تكون بتربيته و تنشئته على الدين ،
فطرة الله التي فطر الناس عليها .
(( جاء رجل إلى عمر بن الخطاب ـ
رضي الله عنه ـ يشكو إليه عقوق ابنه ، فأحضر عمر الولد ، و أنبه على عقوقه
لأبيه ، و نسيانه لحقوقه ، فقال الولد : يا أمير المؤمنين ، أليس للولد
حقوقٌ على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر :
أن ينتقي أمَّه ، و يحسن اسمَـه ، و يعلمه الكتاب ـ إي القرآن - . قال
الولد : يا أمير المؤمنين ، إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أمّا أمي فإنها
زنجية كانت لمجوسي ، و قد سماني جُعَلاً ـ أي خنفساء - ، و لم يعلمني من
الكتاب حرفاً واحــداً . فالتفت عمر إلى الرجل و قال له : جئت إلي تشكو
عقوق ابنك و قد عققته قبل أن يعقـــك ، و أسأت إليه قبل أن يسيء إليك ؟!!
)).
ومما يذكر في كتب السِّيَر : (( أن معاوية ابن أبي سفيان ـ رضي
الله عنه ـ غضب على ابنه يزيد مرة ، فأرسل إلى الأحنف بن قيس ليسأله عن
رأيه في البنين ، فقال : هم ثمارُ قلوبنا ، و عمادُ ظهورنا ، و نحن لهم
أرضٌ ذليلة ، و سماءٌ ظليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، و إن غضبوا فأرضهم ،
فإنهم يمنحوك ودَّهم ، و يحبونك جهدهم ، و لا تكن عليهم ثقيلاً فيملّوا
حياتك ، و يتمنوا وفاتك )) .
و أخيراً ، فحتى يطيب العطاءُ لله ،
فلابد من أن يطيب الغرس لله و بصدق ، و مَن أدَّب ابنَه صغيراً ، قرَّت
عينُه كبيراً ، وكما يريد الآباءُ من أولادهم أن يبرّوهم ، فليكونوا هم على
مستـوى ذلك الــبر .
#قصص_تستحق_القراءةhttps://www.facebook.com/razstories/