قصص تستحق القراءة: يناير 2012

الخميس، 26 يناير 2012

0

‎"ليس المهم أن تُحِب، لكن المهم أن تُحَب" ¤°~Raz~°¤



"اشترى قاضٍ من قضاة البصرة جارية [في عهد السلف] 
وفي أول ليلة وهي في بيته قام آخر الليل يتفقدها؛ لأنه لا يعرف أخلاقها، 
فلما دخل غرفتها إذا هي ليست في الغرفة،  فأساء الظن، 
وحينما بَحث وَجدها في زاوية غرفتها وهي تناجي ربها في آخر الليل،  
وتقول وهي ساجدة:  اللهم إني أسألك بحُبك لي أن تغفر لي،،،  
[تسأل الله في حبه لها أن يغفر لها]  
فلم يستسغ الشيخ هذه العبارة ، وقال في نفسه: إنّ الأولى 
أن تقول: اللهم إني أسألك بحبي لك [لأن الإنسان يتوسل بفعله وعمله] أن تغفر لي،  فانتظرها حتى سلمت ثم قال لها : لا تقولي اللهم إني أسألك بحبك لي؛ 
وإنما قولي: اللهم إني أسألك بحبي لك،  
قالت له: ليس المهم أن تُحِب، لكن المهم أن تُحَب، لولا حبه لي ما أيقظني وأغفَلك."  نعم،،،  ليس المهم أن تُحِب.. قد تحب شخصاً لكنه قد لا يحبك،  
ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم -كان يسأل الله حُبه بقوله : 
(اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عملٍ يقربني إلى حبك، اللهم اجعل حبك إلي أحب من الماء البارد على الظمأ).  
ثم يقول: (اللهم ما أعطيتني مما أحب؛ فاجعله عوناً لي على ما تحب، وما زويت عني مما أحب؛ فاجعله فراغاً لي فيما تحب) 

¤°~Raz~°¤
لقراءة المزيد

السبت، 7 يناير 2012

0

آخر العنقود.....¤°~Raz~°¤



لطالما ظلت شخصية آخر العنقود وخاصة إن كان ذكراً ، لطالما ظلت شخصيته مثيرة للجدل، فأخطاؤه مغفورة قبل أن يرتكبها، وتماديه مبرر بداعي قلة المعرفة، وطلباته مجابة ربما قبل أن تخطر بباله.....
أما إن كان له حماقات، فإن محامي الدفاع الأول مستعد دائماً للدفاع عنه.....
لكن، ما السر في ذلك؟؟ ولماذا يكون آخر العنقود في الغالب أجمل إخوته ؟

التقيت به في صحبة سفر، لم أكن أعرفه من قبل، أحسست أنه يحب أن يتكلم عن نفسه، فأبديت اهتماماً لسماع حكاياته، علني ألحظ عبرة ما.
في أول فرصة نجلس فيها معاً في المطعم على العشاء، سألني ماذا تحب أن تشرب ؟؟ قلت له : لا أشرب غير الماء والشاي والقهوة ، وأنت ؟ قال: أنا كنت أشرب كل شي، وكنت أتأخر في العودة إلى البيت ليكون الأهل قد ناموا فلا يشعروا بي، لكنني .... اسمع قصتي.....

نحن نعيش في الأحياء القديمة من المدينة التي تتلاصق مع أسواقها، عندما كنت صغيراً تعلمتُ في جامع حارتنا بعض الآيات والأحاديث على يد إمام الجامع، كنت أشعر أن قلبي مفعما بالايمان، بدأت في العمل في دكان والدي ولم يتجاوز عمري العشر سنين، ثم أصبحت تاجراً صغيراً أمتلك مهارات مميزة في التجارة، وأصبح المال يجري بين يدي وبدأت أشعر أنني كلما تمسكت به كلما تسرب الكثير من إيماني ليذهب مع الريح.... إلى أن صرت لا أكترث ولا أتألم عندما أشرب المحرمات، كان رفاقي يحبون بذخي في سهراتنا، وكنت ألمحُ طمعهم في الكثير من الأحيان لكنني لم ألق ِ بالاً ما دمتُ أزهو بتلك السعادة الـزائفة.....

كنتُ آخر العنقود، أحبُّ أبي كثيراً، فعنايته الزائدة بي يسرت كل متع حياة الشباب بين يدي، وكنت أشفق عليه عندما أراه كيف يقف عاجزاً أمام فسادي، فحبه لي طالما منعه من تأنيبي بشدة...

 
في الفترة التي بقيت فيها الأعزب الوحيد بين إخوتي وأخواتي كنت أشعر أنني محور الأسرة، وحان الوقت لآخذ دوري في العناية بوالديّ، لكن حظي كان سيّئاً فلم أحصل على هذه الفرصة، فقد توفي والدي، وبوفاته شعرتُ أنني انتقلت فجأة من موقع الطفل المدلل إلى موقع الرجل المسؤول، فقررت أن أصير أكثر جدية وأن أعيد صياغة شخصيتي، فقد رُفع عني أكبر غطاء من الدعم الأسري....


بعد فترة العزاء ، وفي أول خروج لي مع أصدقائي طلبوا لي مشروباً، حاولت الامتناع لكن محاولتي لم تكن جدية بالكمية الكافية لأمتنع فعلاً، وخاصة أنهم أسمعوني بعض الكلمات التي درّسها إياهم إبليس بعناية.
عدت إلى البيت ليلتها ورائحة الشراب تزعجني، خشيت أن ألتقي بأمي فدخلت إلى غرفتي مشتاقاً إلى سريري، لم أكن ثملاً، فلازالت عندي القدرة على التفكير، كنت متعباً لأنني غير مقتنع بما فعلته الليلة.
دوامة كبيرة تحوم حول رأسي، ففترة العزاء كانت قد استرجعت لي شيئاً من بقايا الايمان، لا زلت أفكر بأبي، وهكذا غفوت....
أعرف أنني نائم وأن غلاماً وسيماً أنيقاً قد اقترب مني يوقظني ،ويقول هيا إلى الجامع فإمام المسجد يستدعيك على عجل، صرفته فحالتي لا تسمح لي بالذهاب إلى المسجد ومقابلة الإمام، عاد بعد لحظات ليقول لي طلب مني الإمام أن لا أعود بدونك فهناك أمر خطير.....
تحت ضغوطه وخطورة الأمر في حارتنا الصغيرة، أراني كيف انصعت لأمره، مسك بيدي يجرني إلى أن وصلنا إلى باب المسجد، ما هذا ؟؟ المسجد ممتلئ بالناس، وقفت في الباب لا أريد الدخول، وإذا بالإمام يقف عند المحراب ويناديني ، هيا بسرعة ، جاء دورك.... !!!!
أفسحَ الناس لي لأصل إلى الصف الأول فوجدت حلقة من عشرة رجال ليسوا من حيـينا، قال لي الإمام: يريدون أن يستمعوا إلى قراءتك، هيا، جاء دورك ، الحمد لله أنك أتيت في الوقت المناسب...
همست في إذن الإمام بأنني لست على وضوء، فقال : لا تلمس المصحف، اقرأ مما حفظتك إياه عندما كنت صغيراً.... المهم أن تقرأ.... وبقراءتك سأنال بعض الدرجات ، أرجوك يا بني اجبر بخاطري....
أجلسني وطلب مني الهدوء ، فقد أنصت الناس جميعاً ليستمعوا إلى قراءتي.... قرأت مما أجيد حفظه، أحسست بأن صوتي يزداد جمالاً، وأنا أنظر إلى الأمام وأرى على وجهه أسارير الرضا، أحسست أني أردُّ له شيئاً من معروفه، فهؤلاء الضيوف هنا جاؤوا لتقدير جهوده....لكنني توقفت فجأة عن القراءة عندما قرأت كلام ربي " فؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ، وكان الله غفوراً رحيماً " بدأت الدموع تذرف من عيني، وكميات كبيرة من القهر تجمعت في حنجرتي وخنقت أساليب النطق. ساد صمت رهيب، الكل ينظر إلي بانتظار المتابعة..... في هذه اللحظة فـُتحَ باب المسجد فرأيت أبي يقف في الباب، دعاه الإمام للدخول فامتنع وأشار إليّ أن آتي لعنده، هرعت إليه، الكل ينظر، الكل يراقب، عندما وصلت إليه أشار علي أن لا أقترب منه، فوقفت على بعد خطوتين وقلت له: يا والدي كيف عدت إلى الحياة؟؟ قال : يابني اسمعها كلمات، أنظر إلى هذه الحلقة من الرجال الغرباء الذين يستمعون القرآن، بعد موتي كنت أجلس معهم كل يوم، اليوم منعوني من الدخول وقالوا لي بسبب أعمال ابنك..... فماذا فعلتَ اليوم يابني ؟؟؟؟
بدأت ألطم وجهي وأصرخ والله لن أعيدها أبداً ، والله لن أعيدها أبداً..... وأنا أكررها وجدت أمي توقظني وتقول لي استيقظ يا ولدي و سمِّ الله ، ماذا حصل ؟؟
قصصت عليها قصتي، نظرتْ إلى الساعة وقالت لي : بقي عشرين دقيقة لأذان الفجر، قم ، اغتسل واذهب إلى المسجد لصلاة الفجر....
فتحتُ باب المسجد، فإذا بالامام ينظر إلى الناس ويطالبهم بتعديل صفوفهم، سيبدأ بالصلاة، أحسست أنه كان ينتظر قدومي وشعرتُ بفرحته عندما رآني، فقال أفسحوا ، فعندنا ضيف جديد، ودعاني إلى الصف الأول وبدأ صلاته بابتسامة جميلة.
الغريب في الأمر أنه قرأ نفس الآيات التي قرأتها في المنام ، وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، شعرت براحة كبيرة ، أحسست أن أبي في الجنة، وأنا أخطائي ستحول بينه وبين نعيمها، فقررت أن لا أقترب من المنكر بحياتي كلها....


أنهينا عشاءنا، فقلت له وماذا سنشرب الآن، فأجابني : اختياراتي هنا صارت ما بين الشاي والقهوة، لكن اختياراتي في الحياة أصبحت كبيرة جداً، فسأسير على نهج والدي، سأعمل صالحاً ولن أتوانى عن تقديم الخير، فقد هداني الله لرؤية مثوى أبي....وأنا سعيد كل السعادة.


توقفت عن الحديث معه، فقد انشغل تفكيري في استرجاع شخصيات أعرفها جيداً كانت هي آخر العنقود في أسرتها.... ترى هل الدلال الذي يحصل عليه آخر العنقود مرده إلى الأمل الذي يختزن في وجدان الأهل بأن يكون هو الأكثر عناية بهم في نهاية حياتهم ؟؟؟ وها يتحقق في الغالب هذا الأمل ؟؟؟



لقراءة المزيد

الخميس، 5 يناير 2012

0

أين العروس !


كنت أعتني بجدتي المريضة في أيامها الأخيرة، كنت أنام بقربها، حكت لي معظم تفاصيل حياتها، في كل مرة كانت تدعو لي بأن يرزقني الله بابن الحلال الذي سأعيش معه عزيزة، كما عاشت هي مع جدي رحمه الله، مرة تجرّأتُ وقلت لها: جدتي، لتكن دعوتك بأن يكون نصيبي هذا الذي في بالي....ابتسمت قائلة: لي دعوات كثيرة مستجابة من فضل الله وكرمه، فهل أنتِ تريدينه حقاً ؟؟ بدون تردد أجبتها : ولا أريد غيره.... دعت لي جدتي وأسهبت في الدعاء والتوسل حتى أنني بدأت أتخيل أن دعواتها قد استجيـبت.

كان أبي يناديني زهرة الحياة، فأنا ابنته الوحيدة، رعايته لي كانت تثير غيرة إخوتي الأربعة بدرجات متفاوتة ، وكانت حسناء ابنة جيراننا هي الأخت والصديقة، فمعها كانت طفولتي ومعها بدأت رحلتي الدراسية ومعها أمضي ساعات طويلة من أوقات عطلتي.


أيامها كان الجيران أهل بكل ما في هذه الكلمة من معنى، والدة حسناء – الخالة أم جميل – امرأة قوية صارمة تحب الحق وتدافع عنه برجولة ربما شخصيتها هذه كانت سر صداقتها مع والدتي التي غالباً ما نراها هادئة لا تتخذ أي قرار مهما صغُرت بساطته قبل الرجوع إلى والدي.
كنت في ربيعي السادس عشر عندما بدأت أُعجب به دون أن نلتقي، ففي غيابه -في بيتهم- ومع حسناء كنا ندخل إلى غرفته نرتبها، نقرأ في كتبه ، نجهز له ملابسه، كنت أختلس النظر إلى صورته ، أراه أحياناً يكلمني ، لا لا إنني أكذب فأنا كنت أكلمه، كنت أقول له : أنت لا تعرفني ، لكنني أعرفك جيداً، أعرف عنك كل ما يهمني أن أعرف، تعجبني نظراتك.....
كم تحدثت إلى صورته، كم جهزت له الطعام مع حسناء، حتى صرت أعرف ذوقه في الطعام واللباس. حيائي الذي كان يدفعني لأخفي عن حسناء ما يختلج في نفسي هو نفسه الذي كان يفضح بعض أساريري، لابد وأن حسناء تدرك اهتمامي بأخيها، لكن ذكاءها -سر محبتي لها- كان دوماً يجمح رغبتها في التحدث إليّ في هذا الأمر.
غاب جميل أكثر من سنتين في تأدية خدمة العلم كنت خلالهما قد حصلت على شهادتي الثانوية، شاركنا جيراننا فرحتهم بعودة جميل وشاركونا فرحتنا بنجاحي بمعدلي العالي، لكننا، جميل وأنا لم نلتق إنما تلاقت نظراتنا من بعيد....


في هذا الصباح تتحدث الخالة أم جميل إلى والدتي وأنا أعد لهما القهوة لتستمر أحاديث الصباح التي بدأت منذ سنوات وليس لها نهاية، أسمعها تقول لأمي :

_ والله يا أختي ، ابني جميل ينوي الهجرة إلى كندا وقد حصل على التأشيرة، لكنني أريد أن أزوجه قبل أ ن يسافر
في المساء ، تحدثت أمي إلى أبي قائلة:
_ كانت هنا أم جميل صباحاً وحدثتني عن هجرة ابنها إلى كندا وتريد تزويجه قبل السفر، كانت من خلال حديثها تجس نبضنا لتعرف إن كنا نوافق على زواجه بابنتا.... أجابها أبي بحزم ليقطع هذا الحديث نهائياً:
_ بالتأكيد لا نوافق، إنهم عائلة ممتازة وجميل شاب يعجبني جداً لكن إلى الغربة لانوافق، إن فتحتْ لك الموضوع ثانية أعطها جواباً قطعياُ بالرفض.

وهذا ما حصل بالفعل إلى أن جاءتنا يوماً الخالة أم جميل مبتهجة بعثورها على عروس لابنها فيها كل المواصفات التي يريدونها مع موافقة أهلها على موضوع الهجرة.

كانت حسناء تواسيني في كل مرة تحدثني عن ما يجري من أمور التجهيز لحفلة الزواج ، وفي كل مرة تقول لي ، لكنني أحبك أكثر، لكنني كنت سأكون في قمة السعادة لوكنت أنت ....
نحن جيران منذ زمن بعيد ونحن بالطبع من أول المدعوين إلى حفلة الزواج التي تقام في بلدنا على طريقتنا، حفلة للرجال وأخرى منفصلة للنساء، لا أدري لماذا أرادت أمي أن أكون بأبهى حلتي ، فقد جهزتني بالزينة واللباس وأسرفت في ذلك، ربما كانت تريد تعويضي عن حزن ما بداخلي شعرتْ به، فقلب الأم يعلم عن الأبناء مالا يعلمونه هم عن أنفسهم. وبالفعل كنت سعيدة وشعرت ببهاء وسرور. وقبل خروجي من البيت وقفت أمام المرآة لأتأكد من أنني على الشكل الذي طالما تمنيته، لكني لمحت صورة أخرى ، صورة كانت مخيّلتي قد رسمتها لنفسي عندما كانت جدتي تبتهل إلى الله أن يكتب لي السعادة مع الرجل الذي أتمناه.....
عندما دخلتُ صالة الأفراح انتابني شعور غريب وأنا أنظر إلى تلك التجهيزات التي من شأنها أن تجعل حفل الزفاف حفلاً فاخراً..... كل الأمور تسير على ما يرام، امتلأت الصالة وبدأ صخب الحفلة يسرق الجميع من أنفسهم.... مضى حين من الوقت والسعادة الظاهرة تغمر الجميع وحان موعد وصول العروس، وبدأت تتردد تلك الكلمة بالهمس أحياناً وبالاشارات أحياناً أخرى:
أين العروس.....أين العروس
كانت الحفلة قد تجاوزت منتصفها عندما حصلت بلبلة كبيرة ، فالعروس لم تأتِ وعلى ما يبدو أنها لن تأتي، أرى أمي تقف بجانب الخالة أم جميل وتحاول تهدئتها.... حديث قصير دار بين هاتين الصديقتين جاءتا بعده إليَّ على عجل تسألاني :
_هل تقبلينه يا ابنتي ؟ هل ترضين أن تكوني أنتِ عروسنا اليوم ؟؟
لا شك أن المفاجأة كانت شديدة وقد صنعت لي اختلاطاً كبيراً في المشاعر، شعرتْ حسناء بما يدور في خاطري فأظهرت فرحتها الشديدة وتأييدها المطلق فنقلوني إلى غرفة خاصة ليسمعوا إجابتي، همستْ أمي: ابنتي إن كنت موافقة فسأستدعي والدك للتحدث إليه، فقلت لهن : فليأت جميل أولاً.
فهمت الخالة أم جميل مقصدي فاستدعت ابنها الذي كان ينتظر خارجاً وطلبت منه أن يُسمعني تلك الكلمات التي سترفع من معنوياتي وتدفعني للموافقة، جاء جميل وقبل أن يتكلم بادرتُ بسؤاله : هل أنت حقاً تريدني يا جميل، أم أنها.... قاطعني جميل قائلاً: والله كـُنتِ أنتِ اختياري الأول اسأليها والتفتَ إلى حسناء طالباً العون، حسناء ، الأخت والصديقة والرفيقة، أجابتْ بعبارة واحدة : جميعنا كنا نعتقد بأنكِ خير عروس لأخي.....
بدموع الفرح والرضا راحت أم جميل تقبل والدتي، تعانقها وتقول لها: جاء دورك لتقنعي والد العروس ، كل شيء جاهز وأنتِ تعلمين يا أختي أن وعدي كوعد الرجال، ستكون ابنتك سعيدة أنا متأكدة ، أنا التي ربيت جميلاً وأنا واثقة من ذلك ، جاء دورك أن تقنعي والدها.....سأخرج إلى الناس لأعلن استمرار الحفل وأن العروس قادمة فهكذا سنكسب مزيداً من الوقت لتقومي بدورك.
خرجت الجارتان وعادتا بعد نصف ساعة تقريباً وبعودتهما استدعاني أبي ليسألني :
_ ابنتي هل أنت موافقة ؟ الشيخ ينتظرني لنعقد القران ....
الصمت ، وهل لي إلا الصمت
_ حسناً يا ابنتي هل لك شروط ؟؟
_ لا يا أبي ، شرطي الوحيد هو رضاك عني وأن تقرأ الفاتحة إلى روح جدتي
بنظرات استغراب ودّعني أبي على عجل قائلاً: مبروك يا ابنتي....

في الفترة الأولى من زواجنا أصاب جميل بعض الملل من حديثي الوحيد الذي كنت أكرره له يومياً حتى قال لي مبتسماً : والله حفظته عن ظهر قلب. كنت أحدثه كل يوم عن قصتي مع جدتي وعن دعوة جدتي المستجابة....

مضى على هذا العرس أكثر من ثلاثين عاماً، عشت مع جميل أياماً جميلة. كوّنا أسرة صغيرة ، لا يشوب سعادتها إلا أننا في الغربة....لكنني لازلت لاأدري كيف تحدثت أمي إلى أبي وحصلت على موافقته، أهو حق الجيرة الذي يجعل الجار بمنزلة الأخ ؟؟ وربما أكثر.....

أحكي لكم شيئاً من ذكرياتي وأنا أحتضن حفيدي جميل الصغير ...... أداعبه، وأدعو له......
لقراءة المزيد

الأربعاء، 4 يناير 2012

0

لماذا أنت هنا...؟؟




ينام هاتفي كثيراً، وعندما يرن أسرع لالتقاط السماعة، فأنا هنا قادم جديد وقليل من يعرفني ويعرف رقم هاتفي.
_ألو نعم
_السلام عليكم
_أهلا عم توفيق وعليكم السلام ورحمة الله، كيف حالك ؟؟
_بخير الحمد لله لكنني حزين، قبل قليل توفي صديقي أبو مالك....
_رحمه الله، وأنت حزين لأنك لا تستطيع أن تتواجد في الجنازة ؟
_ قلت لك صديقي، هل تظن أن لي أصدقاء في بلدي ، إنه هنا.... أنت تعلم أني منذ أن غادرت قبل ثلاثين عاماً وأنا لم أقم بزيارة لبلدي ، وليس لدي أصدقاء هناك..... أبو مالك أنت تعرفه، التقيتَ به مرة عندي، المهم بما أنك مغترب جديد هنا أظنك تعرف قراءة "يس" ، أرجو أن تحضر معنا غداً في مراسم الدفن.
_طبعاً، لا تهتم سأكون موجوداً إن شاء الله
_ حسناً سآتي لعندك صباحاً لنذهب سوية
_ سأكون بانتظارك، بأمان الله
انتهت المكالمة الهاتفية ورحت أتذكر المرحوم، نعم تذكرته، بالتأكيد لم يصل إلى الستين من عمره ، رحمه الله، أتذكر عندما طلب مني أن أحكي له عن أخبار البلد، كيف كان يستمع بشوق ولهفة.....وكيف أعرب لي عن مخاوفه بأن يموت هنا بحسرة زيارة أهله وبلده.
في المقبرة، كان الموقف صعباَ للغاية، فالمرحوم لم يدفن على الطريقة الاسلامية تماماً ولا في مقبرة اسلامية، ولا أحب أن أدخل هنا في تفاصيل ذلك الحزن العميق الذي تملكني عندما شاهدت أبناءه يصلون عليه بطريقتهم فهم ليسوا مسلمين، مشاهد أصعب من أن أتمكن من وصفها.... قرأت "يس" على روحه ودعوت الله له بالرحمة والمغفرة وعدت مع مجموعة من أصدقائي الجدد " المغتربين" الذين جمعتني بهم صداقة الاغتراب فقط حيث دعانا العم توفيق إلى الغداء على روح صديقه المرحوم، فأحببت أن أستغل هذه الفرصة علني أسمع قصص المغتربين، وفي فترة الغداء وما بعدها حاولت أطرح بعض الاسئلة على الموجودين، لكن السؤال الأهم كان : لماذا أنت هنا ؟....

أحد الموجودين كان مساعد مهندس خريج معهد هندسي أحب أن يحكي حكاية اغترابه...

يقول بعد تخرجي في بلدي، توظفت فعينوني في منطقة تبعد عن سكني 40 كيلو متر تقريباً ولم تؤمن لي المواصلات ولا بدلاً عنها، فكنت بالإضافة إلى ما أنفقه يومياً على المواصلات أضيع ساعتان يومياً للوصول إلى عملي و ساعتان للعودة إلى بيتي، نتيجة التنقل بين ثلاثة وسائل مواصلات، كنت أظن أن هذا سيكون مؤقتاً لكن!!! مر الوقت ولم يتغير شيء، رزقت مولوداً فقال لي أحد الموظفين أسرع بتسجيله لتحصل له على تعويض عائلي ففرحت كثيراً، لكنني عندما علمت أن التعويض العائلي للطفل هو عبارة عن نصف دولار شهرياً، ضحكت ضحكة مريرة لازال طعم مرارتها في فمي إلى يومي هذا....تقدمت بطلب نقلي إلى مكان قريب من إقامتي ودعمته بكل قوى المعارف والأقارب فنقلوني إلى مكان قريب وممتاز وصرت في موقع كشاف وتقاريري مع باقي الزملاء هي التي ستبين أحقية المواطن في الحصول على عداد كهرباء ثلاثي ولم أكن أدري أن هذا باباً أستطيع من خلاله تقبل الرشاوى اليومية بسهولة لتقديم تقريري بما يخالف الواقع، وبما أنني من أصحاب المبادئ ولا أرضى بذلك فإنني بدأت أعيق بعض الزملاء في الحصول على تلك الرشاوى..... لم يمر وقت طويل حتى أحاكوا لي مكيدة لأنتقل إلى موقع آخر خارج المدينة أيضاً، موقع لا مجال فيه للاحتكاك مع المواطنين، وذلك في إحدى محطات تحويل الكهرباء، كنا وقتها نقوم بتنفيذ جدول زمني دوري بقطع الكهرباء من أجل التقنين. عملت مرتاح البال، زالت همومي جميعاً ولم يبق لي غير ضيق الحال، الذي يشكو منه كل الرجال.
في مساء يوم صيفي كنت أستمع إلى الإذاعة في أحد البرامج التي تبث مباشرة عندما سمعت التالي:
_ ألو مرحبا
_ أهلا وسهلا تفضلي ، مين معي
_ أنا رويدة ، كيفكم ؟
_أهلا رويدة ، كيفك أنتي ؟؟ سيدة ولا آنسة
_ آنسة واليوم حفلة زواجي
_ ألف ألف مبروك، إن شاء الله تكون إجابتك صحيحة وتفوزي بالجائزة
_ لأ ، ما اتصلت للاجابة على الحزورة
_ طيب بتريدي نهديكي أغنية ؟؟
_ لا، أنا اتصلت بكم أتمنى أن يصل صوتي إلى المسؤول عن برنامج قطع الكهرباء، أتمنى أن لا تنقطع الكهرباء اليوم من الساعة 20– 22 أتمنى أن لا تحصل زفة العروس في الظلام، هذه هي أمنيتي، فلا أخرج من بيتي في الظلام....
حصل ارتباك لدى المذيعة مقدمة البرنامج، فهي تعاطفت مع العروس لكنها تعرف أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، فضمت صوتها إلى صوت رويدة مناشدة تحقيق أمنيتها، وعرضت عليها أن تهديها أغنية بهذه المناسبة، قبلت رويدة أية أغنية لكنها عادت إلى عبارات الرجاء والإصرار على أن ينفذ طلبها، فقامت المذيعة بسؤالها عن العنوان حتى يتمكن المسؤول إن سمع نداءها وأراد أن يلبي أمنيتها، حتى يتمكن من تحقيق رغبتها.
كانت الساعة السابعة والنصف، نظرتُ إلى الجداول أمامي، يا إلهي هذا العنوان يقع في المنطقة التي سأقوم أنا بقطع الكهرباء عنها بعد نصف ساعة.
أنهت رويدة مكالمتها بعبارة قالتها : أرجو من المسؤول أن يعتبر أنها حفلة زفاف أخته، وأنها تحصل مرة واحدة فقط....
أعلم أنني أنا الذي سأقوم بقطع الكهرباء، لكنني أعلم أيضاً أنني لست أنا ذلك المسؤول الذي ناشدته العروس ومعها المذيعة، فرحت أتصور بأنه سيأتيني الآن اتصال هاتفي من أحد المدراء يقول فيه لأسباب موضوعية عليك بتعديل برنامج التقنين لهذه الليلة، وأنا سأقوم بسعادة بتنفيذ التعليمات وسيغمرني السرور لأنني سأكون بيدي قد أدخلت الفرحة إلى قلب رويدة، سأكون ذلك الجندي المجهول الذي ستشكرني رويدة على عملي البطولي هذا.....
تغير منحى البرنامج وصارت الاتصالات التالية كلها مؤيدة لطلب رويدة، وما كان من المذيعة إلا أنها زادت تأييدها وتحول البرنامج إلى عرس حقيقي لرويدة..... بقي 10 دقائق لموعد قطع الكهرباء وأحد ما لم يتصل بي، على ما يبدو أنني أنا المسؤول المستهدف، على ما يبدو أن باقي المسؤولين لا يستمعون إلى هذا البرنامج..... والظاهر أن رجاء العروس قد خاب.

بقي 10 دقائق، صارت أنفاسي تتصاعد وبدأت أفكر جدياً بأنني أنا المسؤول المنشود وعلي أن أفعل شيئاً، لكن ما بوسعي أن أفعل؟؟ فلا يمكنني بشكل من الأشكال أن أستمر في ايصال الكهرباء إلى هذا الحي إلا إذا قطعتها عن حي آخر وهذا أمر خطير جداً فكثير من الناس اعتادوا على جدول التقنين ونظموا حياتهم على أساسه، وأنا لا أريد أن أدخل السعادة إلى شخص على حساب تعاسة آلاف الأشخاص، لازال عندي أمل أن يتصل أحدهم ويعدل برنامج القطع، لكن ماذا إذا لم يتصل ؟؟ وكيف سأوفق بين واجبي في تأدية عملي وبين تعاطفي مع العروس والمذيعة وباقي المتصلين ، بل والمستمعين !!!!

راحت الأفكار تأخذني يمنة ويسرة، هل من سبيل إلى تلبية نداء العروس وبنفس الوقت عدم حرمان الكهرباء لأناس آخرين ينتظرونها، أمسكت بالآلة الحاسبة، ونظرت إلى المناطق والجداول أمامي، فوجدت حلاً أستطيع من خلاله تنفيذ الجدول وتحقيق رغبة العروس بشرط أن أقطع التيار عن منطقة صناعية، فهذا أخف الضرر، وأنا أعلم أن أصحاب المنشآت الصناعية عندهم مولدات للكهرباء. المخاطرة الوحيدة التي سأعترض لها هي احتمال أن يوجه لي تنبيه من المدير، هذه سهلة ، لكن ربما يوجه إلي ثناء منه أيضاً.
الثامنة تماماً، سأفعل ما قررته ولن أفكر في النتيجة....

الثامنة وخمس دقائق تتصل رويدة لتقدم آيات الشكر إلى مديريتنا وإلى موظفينا وجميع المسؤولين الذي حرصوا على تلبية طلبها، سعادة تغمرها ولم تنس أن توجه الشكر إلى المذيعة والمتصلين الذي تعاطفوا معها، اسمع حديثها، أشعر ببهجة تغمرني، سأحضر أبريقاً من الشاي لأحتفل بنفسي وأشكر نفسي، فنشوة السعادة لحظات من الصعب تكرارها، أريد أن أنعم بها..... هنا أنا لوحدي بعيداً عن حفلة الزفاف وضوضاء المدينة.....

الثامنة وعشر دقائق يرن الهاتف، لا بد وأن أحداً ما يتصل ليشكرني شخصياً..... إنه المدير، بعد التحية والسلام...
_ مالذي يحصل عندكم ؟؟ لماذا لم يصل التيار إلى المنطقة الصناعية ؟؟ هل عندكم عطل ما ؟؟
عرفت أن المدير لا يعلم شيئاً عن الأمر، وأن أحد الصناعيين اتصل به شخصياً ليستفسر عن الأمر، وأنه لا يعلم بأنني أزود منطقة أخرى بالكهرباء فأجبته
_ لا ، لايوجد عطل إنما هو أمر تقني سأعمل على حله خلال دقائق.

لابد وأن المدير خارج العمل، وهو سيتصل بذاك الصناعي ليعلمه بأن التيار سيصله خلال دقائق، فما الذي علي أن أفعله الآن؟؟
لقد وصلت الفرحة إلى العروس ، هل أسرقها منها ؟؟
عدت إلى تحضير الشاي، وأنا أفكر بردي على المدير في اتصاله التالي
اتصل المدير بعدها مرتين وفي كل مرة وبكل ثقة بالنفس أجيبه بأنني سأحل الموضوع خلال دقائق، وهو بدوره ينقل هذا إلى صديقه، إلى أنا أصاب الملل أحدهما ومضت هاتان الساعتان وعدت إلى التزامي بالجدول المقرر.

صديقي..... لقد سألتني لماذا أنت هنا؟؟ أنا هنا لأنه في اليوم التالي استدعاني المدير وصب علي جام غضبه، وأسمعني عبارات قاسية لم أكن أتوقها، نعم أنا خالفت التعليمات، لكن هناك عقوبات إدراية كنت مستعداً لها، أما الإهانة التي تعرضت لها فلم أكن مستعداً لها. ولهذا أنا هنا.... جئت علني أستطيع أن أتابع دراستي وسرقتني الدنيا وسرقني الزمن وها أنا ذا كما تراني أتنقل من حسرة إلى حسرة أشعر بأن أنفاسي تختنق كلما تذكرت أنني منذ عشرين عاماً لم أغادر هذا المكان، فقط أشتم رائحة بلدي من خلال قادم جديد مثلك.


من مذكرات مغترب
لقراءة المزيد

الأحد، 1 يناير 2012

0

قصة العاطس الساهي ¤°~®~°¤


كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة،

يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان


يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن


المبارك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ


عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن


يحرجه، فسأله:أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟فقال الرجل: الحمد لله!

عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله

¤°~®~°¤
لقراءة المزيد